تدخل الدوله فی الاسعار عند الفقه الاسلامی
-
معرفی اثر:
مقدمة وحدة التحقيق والتأليف
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد للّه رب العالمين وصلى الله على اطيب المرسلين سيدنا محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.
اولت الشريعة الإسلاميّة النظام الاقتصادي أهميّة بالغة والمطلع على أحكام الشريعة في هذا المجال يلمس المباديء والأصول الاقتصادية الإسلاميّة على تلك الأحكام وأدلّتها وبشكل عام انّ المباديء والأصول الإسلاميّة موسومة بالاعتدال والوسطية وبذلك تكون قد رسمت نظاما اقتصاديا معتدلاً بين نظامين اقتصاديين قد وقعا في الافراط والتفريط إلاّ وهما الاقتصاد الاشتراكي والرأسمالي.
والمصداق البارز الذي وقع في مشكلة الافراط والتفريط في الأنظمة الاقتصادية هو الدولة والحكومة التي هي أحد عناصر العملية الاقتصادية فبعض المذاهب الاقتصادية كالاشتراكية كانت تعتبرها العنصر الرئيسي في تحسين الوضع الاقتصادي ولكن من جانب اخر نجد انّ البعض الأخر يرى انّ الاقتصاد ينبغي أن يکون حرا بعيداً عن تدخل الدولة فيه.
والإسلام حينما ينظر إلى الدولة ينظر إليها بنظرة الاعتدال والوسطية، فبعض المجالات يلزم تدخل الدولة فيها وبعضها لا يلزم ثمّ ان التدخل تارة يكون بشكل كامل وأخرى بمقدار الضرورة.
ومن جملة المجالات التي تحتاج إلى دراسة مقدار تدخل الدولة فيها هو عبارة عن الاسعار السوقية فما هو مقدار تدخل الدولة في هذا المجال وهو بحث مهم وحساس جدّا بحاجة إلى التحقيق والبحث لكي يتضح مقدار تدخل الدولة في ذلك ويترتّب على هذا البحث فوائد وثمرات كثيرة من أهمّها تحسين الحالة الاقتصادية لا سيما في حالات التضخم المالي، وقد تعرض الفقهاء إلى هذه المسألة في فروعهاتهم ولكن لم يستوف البحث في ذلك بشكل كامل.
ومن هنا اقتضت الضرورة تأليف كتاب في هذا المجال لتتضح معالم هذه المسالة بشكل كامل وهو يحمل عنوان (تدخل الدولة في الاسعار عند الفقه الإسلامي).
وقد بذل المحقّق سماحة الشيخ حجّة الإسلام والمسلمين حبيب عبد الواحد الساعدي وهو من الطلاب الفضلاء والمجدين في هذا المركز جهودا محمودة وبدقة تستحق الثناء بتحقيق واسع ودراسة مستوعبة لجميع جوانب هذا البحث البالغ الأهمية حيث أنّه من خلال دراسته لتدخل الدولة الإسلاميّة وطرحه آراء ونظريات الفقه الإسلامي في هذا المجال ودراسته لادلتها والأحكام المترتّبة عليها يكون قد قدم كتابا ممتازا وقيما لطلاب العلم والحقيقة.
وبعد أن تم هذا الكتاب واصبح من المتيسر بلطف الله تعالى تقديم خدمة أخرى من المركز الفقهي للأئمّة الأطهار (عليهم السلام) فنجد من الواجب علينا أن نحمد الله تعالى ونشكره اولاً ونقدم الشكر والتكريم لحجّة الإسلام والمسلمين الشيخ حبيب عبد الواحد الساعدي حيث تجشم عناء وصعوبات تأليف هذا الكتاب والى حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ الاستاذ محمّد القائيني الذي قام بتقييم الكتاب، وهكذا تقتضي الاخلاق والاداب الدعاء بعلو الدرجات لمؤسس المركز الفقهي للائمة الاطهار (عليهم السلام) المرحوم المغفور له آية الله العظمى الشيخ الفاضل اللنكراني (رضوان الله تعالى عليه) وتقديم الشكر الجزيل إلى رئيس المركز الفقهي سماحة آية الله محمّد جواد الفاضل اللنكراني، وحجّة الإسلام والمسلمين محمّد رضا الفاضل الكاشاني المدير لهذا المركز، والى كلّ من ساهم في ايجاد هذا التحقيق، ونأمل من الله العزيز القدير أن يجعل هذه الجهود المبذولة مقدمة تساهم في تهيئة الارضية المناسبة لتقدّم ورقي المجتمع الإسلامي، وشمعة تضيء لجميع الساعين والسائرين في طريق العلم والمعرفة.
د. محمّد مهدي المقدادي
سنة1437ق الموافق 2016م -
فهرست مطالب:
مقدمة وحدة التحقيق والتأليف 7 المقدمة 11 الفصل الأوّل: مدخل عام لتدخل الدولة في الفقه الإسلامي 17 تمهيد 19 المبحث الأوّل: بيان المفاهيم والكليات والمصطلحات ذات الصلة 21 المطلب الأوّل: بيان معنى التسعير في اللغة والاصطلاح 21 1 . المعنى اللغوي للتسعير 21 2 . المعنى الاصطلاحي للتسعير 22 المطلب الثاني: أقسام التسعير وأنواعه 27 الجهة الأولى: التقسيم بلحاظ من يتولى التسعير 27 الجهة الثانية: تقسيم التسعير بلحاظ المتعلق 29 الجهة الثالثة: التسعير بلحاظ وجود المصلحة والمفسدة 30 الجهة الرابعة: التسعير بلحاظ حالات السوق 31 المطلب الثالث: الاصطلاح الفقهي للدولة أو السلطان 32 الاتّجاه الأوّل: أنّ السّلطان يشمل حتّى السّلطان الجائر 33 الاتّجاه الثاني: السلطان هو الإمام المعصوم عليهالسلام أو من نصبه 34 المطلب الرابع: بيان معنى الضرورة والمصلحة 35 المقام الأوّل: بيان معنى الضرورة وأدلة مشروعيته 36 المقام الثاني: بيان معنى المصلحة وأقسامها: 38 أوّلاً: المصلحة في اللغة والاصطلاح 39 ثانياً: أقسام المصلحة 42 المطلب الخامس: مصطلحات ذات صلة بالتسعير 44 1 . السعر والثمن والقيمة 44 2 . القيمة السوقية 45 3 . قيمة المسمى وقيمة المثل 46 4 . التطفيف ورفع السعر 47 المبحث الثاني: تاريخ التسعير في الإسلام وحاجة المجتمع إليه 49 المطلب الأوّل: تاريخ التسعير في الإسلام 49 1 . التسعير في عهد رسول اللّه صلىاللهعليهوآله 49 2 . التسعير في عهد الخلفاء 50 المطلب الثاني: حاجة المجتمع للتسعير وفوائده 56 1 . التسعير يعد علاجا لحالات ارتفاع الاسعار 56 2 . رفع حالة الفوضى وايجاد سعر موحد 57 3 . قطع جشع وطمع التجّار وأهل السوق 57 4 . التسعير يمنع عن حصول مشكلة الاحتكار 58 5 . فائدة التسعير في ايجاد التوازن بين العرض والطلب 60 6 . رفع المنازعات والمخاصمات والحد من المعاملات الغبنية 61 المبحث الثالث: دراسة العوامل الأساسية في تحديد سعر السلعة 63 1 . الأرض والعمل هما الأساس في تحديد قيمة السلعة 63 2 . العمل هو الأساس الوحيد في تحديد القيمة 64 3 . نظريّة ماركس في تحديد قيمة السلعة 65 الاشكالات الوارادة على هذه النظريّة 66 4 . نظريّة نفقة الانتاج 67 5 . نظريّة المنفعة الحدّية القائمّة على قانون تناقص المنفعة 68 6 . العامل في تحديد قيمة السلعة عند ابن سين 69 7 . العامل في تحديد قيمة السلعة عند ابن خلدون 70 8 . العامل في تحديد القيمة هو مبدأ التراضي 71 9 . العامل في تحديد القيمة السلعة عند الشهيد الصدر 73 المبحث الرابع: دور التسعير في معالجة ارتفاع الاسعار والتضخم المالي 75 المطلب الأوّل: ارتفاع الاسعار (التضخم المالي) وأسبابه 75 1 . العوامل والأسباب الطبيعية الطارئة 76 2 . زيادة الطلب ويعبر عنه بـ(جذب الطلب) 76 3 . زيادة تكاليف الانتاج وانخفاض نسبة العرض 76 4 . استيراد سلع غالية من الخارج 77 5 . الخلل في المنهج الاقتصادي 77 6 . العوامل والظروف النفسية 78 المطلب الثاني: الاثار السلبية لارتفاع الاسعار 80 المطلب الثالث: التسعير علاج لارتفاع الاسعار 82 المبحث الخامس: التسعير في ضوء الحسبة ومنطقة الفراغ 85 المطلب الأوّل: التسعير في ضوء الحسبة 85 المطلب الثاني: التسعير في ضوء منطقة الفراغ 87 عرض أهمّ نتائج الفصل الأوّل 93 الفصل الثاني: تدخل الدولة في الاسعار عند الفقه الإسلامي 95 تمهيد 97 المبحث الأوّل: عدم تدخل الدولة في الاسعار مطلق 103 النقطة الأولى: استعراض كلمات الفقهاء وما يستفاد منه 104 1 . عرض كلمات فقهاء الإماميّة 104 2 . عرض كلمات سائر المذاهب 105 النقطة الثانية: أدلّة مذهب الإماميّة ومناقشته 107 1 . آية النهي عن أكل المال بالباطل 107 2 . الاستدلال بالروايات 108 الأوّل: استعراض الروايات 108 الثاني: بحث سند الروايات 110 الثالث: بحث دلالة الروايات 115 الرابع: مناقشة الاستدلال بالروايات 116 المناقشة الأولى: ما يظهر من كلمات السيّد الإمام رحمهالله 116 المناقشة الثانية: ما يلوح من كلمات السيّد الإمام رحمهالله أيض 118 المناقشة الثالثة: ما ذكره السيّد كاظم الحائري(حفظه اللّه) 119 المناقشة الرابعة: ما ذكره الريشهري (حفظه اللّه) 120 3 . الاستدلال بقاعدة الناس مسلّطون على أموالهم 121 النقطة الثالثة: أدلّة المذاهب الأخرى ومناقشته 124 1 . الروايات 124 2 . الاستدلال بحرية التصرف 125 3 . التسعير سبب الغلاء 127 المبحث الثاني: تدخل الدولة للتنزيل عند الضرورة دون تحديد سعر 129 النقطة الأولى: عرض كلمات الفقهاء في ذلك 129 النقطة الثانية: أدلّة الفقهاء على ذلك 131 الدعوى الأولى: ليس للحاكم الشرعيّ أن يحدد سعرا معين 131 الدعوى الثانية: ان للحاكم أن يامره بتخفيض السعر من دون تحديده 131 النقطة الثالثة: نظريّة السيّد الإمام الخميني رحمهالله 136 الأمر الأوّل: بيان أصل النظريّة 136 الأمر الثاني: في بيان مدركه 137 المبحث الثالث: تدخل الدولة في تحديد الاسعار عند الضرورة 141 النقطة الأولى: في بيان القائلين بذلك وما يستفاد من كلماتهم 141 1 . عرض كلمات فقهاء الإماميّة 141 2 . المستفاد من كلمات فقهاء الإماميّة 144 القيد الأوّل: وجود المصلحة من التسعير 144 القيد الثاني: وجود الضرورة المقتضية لذلك 145 القيد الثالث: أن لا يكون تعيين السعر فيه خسارة على البائع أو المبتاع 147 3 . كلمات الفقهاء من بقية المذاهب: 147 النقطة الثانية: أدلّة الإماميّة على جواز التسعير عند الضرورة والمصلحة 148 1. الاستدلال بكتاب أمير المؤمنين عليهالسلام لمالك الأشتر 148 الجهة الأولى: دراسة سند الكتاب ومصادره 149 أوّلاً: مصادر العهد 149 ثانياً: اسناد العهد 151 الطريق الأوّل: طريق النجاشي 151 الطريق الثاني: طريق الشيخ الطوسي 153 الجهة الثانية: دراسة متن الحديث 156 التقريب الأوّل: ما يستفاد من النص 156 التقريب الثاني: ما عن بعض المحقّقين 157 2 . الاستدلال بروايات لا ضرر 159 الجهة الأولى: سند الروايات 161 الجهة الثانية: دراسة الدلالة 161 تقريب الاستدلال بالرواية 167 3 . الاستدلال بما روى عن الإمام الصادق عليهالسلام 167 4 . التسعير عند الضرورة مقتضى الجمع بين الأدلّة 169 5 . الاستدلال بانتفاء حكمة المنع عن الاحتكار 171 6 . التمسك بولاية الفقيه 173 النقطة الثالثة: أدلّة بقية المذاهب على جواز التعسير عند الضرورة 174 1 . الاستدلال بالروايات 174 2 . الاستدلال بالمصالح المرسلة 176 مقارنة بين الفريقين 177 1 . نقاط الاشتراك 177 2 . نقاط الافتراق 179 نتائج الفصل الثاني 183 الفصل الثالث: موارد التسعير وكيفيته وبعض أحكامه 187 تمهيد 189 المبحث الأوّل: المتولي لعملية التسعير 191 مقدمة 191 القول الأوّل: ما ذهب إليه الاشاعرة 193 القول الثاني: مذهب أكثر المعتزلة 194 القول الثالث: ما سلكه الإماميّة وبعض المعتزلة 195 1 . الإمام المعصوم عليهالسلام 196 2 . نائب الإمام عليهالسلام الخاصّ 197 3 . الفقيه الجامع للشرائط 197 4 . مطلق السلطان 198 5 . عدول المسلمين 199 المبحث الثاني: الموارد المسوغة للتسعير 201 1 . تعدي ارباب الطعام عن القيمة تعديا فاحش 201 2 . حاجة الناس إلى السلعة 202 3 . احتكار المنتجين أو التجار 203 4 . اعطاء إجازة البيع لاناس معينين 203 5 . اتّفاق البائعين ضد المشترين 204 6 . حاجة الناس إلى صناعة طائفة 207 المبحث الثالث: كيفية التسعير وشروطه 209 أ) احضار أهل السوق 209 ب) أن يسعر الحاكم بسعر البلد 211 ج) يسعر بقيمة المثل 212 د) أن يسعر بما يراه من المصلحة 212 ه ) يسعر طبقاً للأمور الدخيلة في السعر 213 المبحث الرابع: السلع التي يدخلها التسعير 217 الاحتمال الأوّل: انّ التسعير يدخل جميع الاشياء 217 الاحتمال الثاني: انّ التسعير يختصّ بالطعام ولا يعم غيره 218 الاحتمال الثالث: يكون التسعير في المكيل والموزون 219 المبحث الخامس: بعض أحكام التسعير 221 المطلب الأوّل: ما لو خالف تسعير الحاكم فباع بزيادة أو نقصان 221 1 . الحكم التكليفي 222 2 . الحكم الوضعي 226 القول الأوّل: صحّة البيع ذهب إليه مشهور الفقهاء 226 القول الثاني: بطلان البيع ذهب إليه بعض الشافعية 227 3 . التعزير 227 المطلب الثاني: أحكام تسعيرات الدولة 228 المطلب الثالث: الملاك في القيمة في الضمانات والواجبات المالية 232 المسالة الأولى: الملاك في القيمة في الضمانات 232 المسألة الثانية: الملاك في القيمة في الواجبات المالية 233 المطلب الرابع: ثبوت الخيار لو كان التفاوت فاحش 237 1 . حكم التفاوت الفاحش عن القيمة السوقية 238 2 . حكم التفاوت الفاحش عن سعر الحاكم 240 تلخيص واستنتاج 245 الخاتمة في أهمّ النتائج 249 فهرست المصادر 255 فهرس الموضوعات 269 -
مقدمه:
المقدمة
إنّ الشريعة الإسلاميّة التي بشر بها النبيّ الأكرم (صلی الله عليه وآله) هي الشريعة العادلة والتي تضمن للانسان الحياة السعيدة حيث أنّها ترسم بتوجيهاتها نظاما كاملاً ومتكاملاً يتكفل تنظيم حياة الإنسان على جميع المستويات وجميع الأصعدة... .وقد اثبت الدين الإسلامي جدارته في المجال الاقتصادي حيث ابدى نظاما اقتصاديا رصينا، وما هذا إلاّ لاجل انّ الدين الإسلامي يستل نظامه من السماء ومن الخالق الحكيم، بخلاف النظم الأخرى التي تستند إلى القوانين التي يضعها البشر.
وقد اعطت الشريعة الإسلاميّة للحاكم الشرعيّ أو الدولة الإسلاميّة صلاحية إدارة البلاد في أكثر حقول الحياة، فيجب على الحاكم الشرعيّ أن يدير البلاد، وينظر في الأمور التي تصب في مصلحة العباد ويحقّق العدالة الاجتماعية.
ومن الوظائف الأساسية للدولة الإسلاميّة أو الحاكم الشرعيّ إدارة السوق والاشراف والرقابة على التجّار وأصحاب الصناعات، فانّ للسوق والتجّار وأصحاب الصناعات تأثيراَ مباشرا في ازدهار اقتصاد الدولة الإسلاميّة أو فشله، فكلما ازداد ازدهار السوق والتجّار وأصحاب الصناعات وتقدّم وارتقى ازداد الجانب الاقتصادي للدولة الإسلاميّة نموا وازدهارا. وكلما ابتلى السوق والتجّار وأصحاب الصناعات بالطمع والجشع والغش وانتشر الاحتكار والتطفيف وارتفعت الاسعار أدّى ذلك إلى فشل الجانب الاقتصادي للدولة الإسلاميّة وقربها من هاوية السقوط.
ومن هنا تتضح الأهمية البالغة لتدخل الدولة أو الحاكم الشرعيّ والعمل الدؤوب لايجاد الوسائل التي تزيد من ازدهار السوق وارتقائه ونموه والمنع عما يؤدي إلى انحطاط الجانب الاقتصادي للسوق وفشله.
ولا شكّ أنّ ارتفاع الاسعار بشكل مفاجيء وعدم ثباتها من الأمور التي تهدد مستقبل اقتصاد الدّولة الإسلاميّة. ومن هنا يطرح التسائل هل ان من اختيارات الدولة الإسلاميّة وصلاحياتها التدخل في تحديد الاسعار؟ ووضع سعر معيّن للسلع أو ليس لها ذلك؟.
فما هو موقف الشريعة الإسلاميّة تجاه تدخل الدولة الإسلاميّة في تحديد الأسعار فهل منعت عن أي تدخل من قبل الدولة الإسلاميّة أو الحاكم الشرعيّ في تحديد الاسعار، أو أنّها اعطت صلاحية التدخل في تحديد الاسعار في ضمن نطاق محدود تحقيقا للمصالح العامّة ورفعاً للضرورة المتمثلة في حاجة الناس؟
وهذا الكتاب عزيزي القاريء هو دراسة فقهية استدلالية مقارنة تستهدف البحث عن مقدار تدخل الدولة الإسلاميّة في تحديد الاسعار فهل هو واسع يشمل جميع الحالات ولو لم يكن هناك مصلحة أو ضرورة مقتضية لذلك أو أنّه محدود ضمن نطاق معيّن وهو وجود المصلحة والضرورة المقتضية لذلك؟.
ولما لم يتعرّض الفقهاء لهذه المسألة بجميع تفاصيلها وإنّما تعرضوا لها في ضمن بحثهم للاحتكار بعنوان تسعير الحاكم على المحتكر ولم أجد من طرح هذه المسألة بجميع شقوقها وتفاصيلها لذا كان من المناسب جدّا طرح هذا الموضوع بجميع شقوقه ودراستة دراستهً فقهية إستدلالية مقارنة بين المذاهب الإسلامية وبذلك سيتمتع الكتاب بدراسة شاملة ومستوعبة لجوانب الموضوع كي يخرج القاريء اللبيب بنتيجة مستدلّة واضحة، وسيقع البحث حول ذلك في ثلاثة فصول وخاتمة:
أمّا الفصل الأوّل: فهو عبارة عن مدخل عام حول التسعير، وسندرس فيه ما يرتبط بالتسعير في خمسة مباحث: المبحث الأوّل: معنى التسعير، ومعنى الحاكم الشرعيّ، والمصلحة والضرورة وفرق التسعير عن بقية المصطلحات، وأقسام التسعير وأنواعه، المبحث الثاني: تاريخ تطبيق التسعير في الحكومات الإسلاميّة وحاجة المجتمع إليه، المبحث الثالث: بيان العوامل الأساسية في تحديد القيمة المبحث الرابع: دراسة اثر التسعير في علاج التضخم المالي، المبحث الخامس: بيان علاقة التسعير بالحسبة ومنطقة الفراغ وان التسعير من الأحكام الثانوية أو الأحكام الولائية.
وأمّا الفصل الثاني: فنتعرض فيه إلى الأقوال في المسالة والأدلّة عليها وذلك في ثلاثة مباحث: المبحث الأوّل: فنتكلم فيه عن القول بعدم تدخل الدولة والحاكم في تحديد الاسعار مطلقا، المبحث الثاني: فنتعرض فيه للقول الأخر وهو تدخل الدولة بمقدار التنزيل من دون تحديد سعر، المبحث الثالث: نتكلم فيه حول تدخل الدولة في تحديد الاسعار عند المصلحة والضرورة مع بيان الأدلّة عليه.
وأمّا الفصل الثالث: فنتحدث فيه عن دراسة الأحكام المترتّبة على القول بتدخل الدولة في تحديد الاسعار في مباحث المبحث الأوّل: حول المتولي للتسعير والمبحث الثاني: حول الموارد المسوغة للتسعير المبحث الثالث: حول السلع التي يدخلها التسعير المبحث الرابع: بعض أحكام التسعير. وأمّا الخاتمة فقد ذكرنا فيها أهمّ النتائج.
وفي الختام اتقدّم بخالص الدعاء لفقيد عالم التشيع سماحة المرجع الديني الكبير اية الله العظمى الشيخ محمّد فاضل اللنكراني (رحمه الله)حيث قام بتأسيس (مركز فقه الأئمّة الاطهار(عليهم السلام) الذي كان ولا زال يتحف أهل العلم والتحقيق بالبحوث الفقهيّة الدقيقة والجديدة وهي بحق خطوة عظيمة في طريق نشر وتبليغ علوم أهل البيت (عليهم السلام) اسأل الله تعالى أن يجعلها في صحيفة حسناته ويتغمده برحمته.
كما اتقدّم بالشكر الجزيل إلى نجله المفدى سماحة الشيخ استاذنا الحاج محمّد جواد فاضل اللنكراني(اعزه الله وايده) الذي واصل مسيرة الجهاد العلمي وقدم الخدمات الكثيرة والجهود الحثيثة المتمثلة بدراسته العميقة وتاصيله الفكري لمدرسة الإمام الخميني (رحمه الله) وباشرافه وادارته لشؤون المركز الفقهي للائمة الاطهار (عليهم السلام) فلله دره وعليه اجره.
كما لا انسى ان اقدم شكري وتحياتي إلى سماحة الشيخ فاضل الكاشاني مدير المركز الفقهي للائمة الاطهار (عليهم السلام) وسماحة الدكتور مهدي المقدادي مدير قسم التحقيق على اتاحتهم لي هذه الفرصة الثمينة، اسال الله تعالى أن يوفقني لاغتنامها لخدمة مذهب أهل