تمسّك العترة الطاهرة بالقرآن الكريم(ج4)
-
معرفی اثر:
القرآن الكريم و سعة آفاق مداليله
بسم الله الرحمن الرحيمالقرآن الكريم، هو الحجر الأساس للتشريع الإسلامي، وهو أجلّ من أن يكون بحاجة إلى تعريف، إذ هو نور مستطيل شامل، ظاهر بنفسه مظهر لغيره:
وإذا استطال الشيء قام بنفسه وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا
القرآن الكريم الدعامة الاُولى للمسلمين واللبنة الأساسية في بناء الحضارة الإسلامية لا سيّما الجانب الأخلاقي والفقهي.
وكفانا في ذلك قول النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله في الدعوة إلى التمسّك بالقرآن: «إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنّه شافع مشفّع، وماحل مصدّق، من جعله أمامه قادة إلى الجنّة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار».
وكتاب هذا شأنه والذي يصفه الوحي الإلهي بقوله: «تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيءٍ»
لا مناص من يكون المصدر الرئيسي لاستنباط ما يحتاج إليه الإنسان في حياته الفردية والاجتماعية ولذلك عكف العلماء، عبر القرون، على دراسته وعلى تفسيره بصور متنوعة وأنماط مختلفة. ولو جمع إنسان عامّة ما خدم به المسلمون ذلك الكتاب السماوي لشكّل مكتبة عظيمة تُبهر العقول وتملأ العيون.
ومن عجيب ما ذهب إليه بعض إخواننا الأخباريين من أن القرآن الكريم لا يُحتجّ بنصوصه وظواهره إلاّ في ظلّ النصوص الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام .
وهذه النظرية وإن قضى عليها الدهر، ومع ذلك كلّه ربّما بقي منها في بعض الأذهان صبابة قليلة، ولذلك عمد المتأخرون من أصحابنا إلى الإجابة عنها، غير أن الذي نودّ أن نلفت إليه نظر أصحاب هذه النظرية ومن يميل إليها: أن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام استدلّوا بظواهر القرآن بعمومه ومطلقاته وظواهره ومحكماته عند الإجابة عن أسئلة السائلين، وبذلك أقنعوا كثيراً من رواد الحقيقة.
وقد اتخذوا لأنفسهم عليهمالسلام عند الاستدلال بالآيات موقف المعلم، المرشد إلى جهة دلالة الآيات على مقاصدهم مع غض النظر عن كونهم أئمّة معصومين رُزقوا العلم من عند الله سبحانه وورثوا علوم النبيّ صلىاللهعليهوآله .
وقد كان من آمالي في السنين السابقة جمع الأحاديث التي استدلّ بها الأئمّة عليهمالسلام بالآيات الشريفة على الأحكام الشرعية بصفة أنّهم معلمون والسامع متعلم، وقد شرع بعض حضار دروسنا في سالف الزمان، في تحقيق هذا الأمل، إلاّ أنّ الحظّ لم يسعفه في مواصلة العمل.
وبعد مضيّ سنين أتحفني الشيخ الفاضل حجّة الإسلام محمّد جعفر الطبسي بباقة زهور بذل جهده في قطفها وتنضيدها، تمثّلت في موسوعته التي أسماها «تمسّك العترة الطاهرة بالقرآن الكريم» وهذا هو الجزء الأوّل منها الذي يزفه
الطبع إلى القرّاء الكريم.
غير أن اللازم الإشارة إلى أن لهذا الجهد الذي بذله شيخنا الفاضل أثراً آخر وهو تبيين سعة دلالة آفاق القرآن ـ التي ربّما غفل عنها أكثر الفقهاء ـ عند الاستدلال على الأحكام الشرعية فإن من رجع إلى تلك الأحاديث يظهر له هذا الأثر البارز، وها نحن نذكر نوعاً من هذه السعة حتّى يكون كأنموذج لما لم نذكر.
قُدِّم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة فأراد أن يقيم عليها الحدّ، فأسلم، فقال يحيى بن أكثم: الإيمان يمحو ما قبله، وقال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود، فكتب المتوكل إلى الإمام علي الهادي عليهالسلام يسأله، فلما قرأ الكتاب، كتب يضرب حتّى يموت، فأنكر الفقهاء ذلك، فكتب إليه يسأله عن العلّة، فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم «فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِالله وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ الله الَّتِى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ».
فأمر به المتوكل فضرب حتّى مات.
إن الإمام الهادي عليهالسلام ببيانه هذا شقّ طريقاً خاصّاً لاستنباط الأحكام من الذكر الحكيم، طريقاً لم يكن يحلم به فقهاء عصره، وكانوا يزعمون أنّ مصادر الأحكام الشرعية هي الآيات الواضحة في مجال الفقه التي لا تتجاوز ثلاثمائة آية أو أزيد بقليل، وبذلك أبان للقرآن وجهاً خاصّاً لدلالته، لا يلتفت إليه إلاّ من نزل القرآن في بيتهم، وليس هذا الحديث غريباً في مورده، بل له نظائر في كلمات الأئمّة المعصومين عليهمالسلام .
ومن رجع إلى المأثورات عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام يقف على نظائر من هذا
النوع من الاستنباط، وقد سمعنا عن سيد مشايخنا أن بعض الفقهاء استدلّوا بما ورد في سورة «المسد» من الآيات على لفيف من الأحكام، كما استدلّوا بما ورد حول حوار موسى مع شعيب عليهماالسلام ـ الذي ذكرته سورة القصص ـ أحكاماً فقهية حول الصداق وغيره.
كلّ ذلك يبعثنا على أن نرجع إلى القرآن الكريم من جديد ونستكشف آفاقه الواسعة في عالم التشريع.
ونحن نبارك هذه الخطوة الموفقة لشيخنا الفاضل أمد الله في عمره وتوفيقه، حيث لم يزل منذ شبابه إلى يومه هذا جادّاً في طريق التأليف والتصنيف، ذاباً عن حريم أهل البيت عليهمالسلام بقلمه وبنانه، وكلامه وبيانه، كيف وهو وليد بيت العلم والتقى والدين، وسليل آية الله الشيخ محمّد رضا الطبسي أعلى الله مقامه، ولم يزل البيت شامخاً ومضيئاً بأبنائه الفضلاء واحداً بعد الآخر. رحم الله الماضين من علماءنا وحفظ الباقين منهم.
وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين
جعفر السبحاني
قم المقدّسة
مؤسّسة الإمام الصادق عليهالسلام
15 شهر شوال المكرّم من شهور عام 1434ه . -
فهرست مطالب:
كتاب المعاد
أبواب المعاد 6
1. باب نفخ الصور وفناء الدنيا، و... 7 ـ 10
2. باب إثبات الحشر وكيفيّته، و... 11 ـ 13
3. باب أسماء القيامة، و... 14
4. باب صفة المحشر 16 ـ 26
5. باب مواقف القيامة 27 ـ 36
6. باب أحوال المتّقين والمجرمين في القيامة 37 ـ 58
7. باب أنّ الناس يدعى بأسماء اُمّهاتهم إلاّ الشعية 58 ـ 61
8 . باب الميزان 61 ـ 86
9. باب محاسبة العباد 86 ـ 91
10. باب السؤال عن الرسل والاُمم 91 ـ 94
11. باب ما يظهر رحمة اللّه تعالى في القيامة 94 ـ 97
12 . باب نظائر الكتب وانطاق الجوارح، و... 97 ـ 112
13. باب الوسيلة وما يهظر من منزلة النبيّ وأهل بيته عليهمالسلام يوم القيامة 112 ـ 117
14. باب اللواء 117 ـ 118
15. باب أنّه يدعى كلّ أُناس بإمامهم 119 ـ 127
16. باب صفة الحوض وساقيه 127 ـ 129
17. باب الشفاعة 129 ـ 138
18 . باب الصراط 138 ـ 139
19. باب الجنّة ونعيمه 139 ـ 173
20. باب النار 173 ـ 178
21. باب الأعراف 179 ـ 184
22. باب ذبح الموت بين الجنّة والنار، و... 184 ـ 186
23. باب آخر من يخلد في النار ومن يخرج منه 186 ـ 192
24. باب ما يكون بعد دخول أهل الجنّة الجنّة، و... 192 ـ 193
كتاب النبوّةأبواب النبوّة 196
25. باب معنى النبوّة وعلّة بعثة الأنبياء 197 ـ 270
26. باب عصمة الأنبياء عليهمالسلام 271 ـ 291
أبواب قصص آدم وحوّاء وأولادهما وفضلهم 291
27. باب فضل آدم وحوّاء، و... 291 ـ 294
28. باب سجود الملائكة لآدم ومعناة 295 ـ 302
29. باب ارتكاب ترك الأولى ومعناه 302 ـ 319
30. باب تزويج آدم حوّاء وكيفيّة بدأ النسل 319 ـ 323
31. باب عمرآدم ووفاته، و... 323 ـ 324
32. باب قصص إدريس عليهالسلام 325 ـ 326
أبواب قصص نوح عليهالسلام 326
33. باب ولادته عليهالسلام ومدّة عمره ووفاته 326 ـ 328
34. باب مكارم أخلاق نوح عليهالسلام 328
35. باب بعثة نوح عليهالسلام على قومه وقصّة الطوفان 328 ـ 335
36. باب السؤال عن الرسل والاُمم 336
37. باب قصّة النبيّ هود عليهالسلام وقومه عاد 336 ـ 343
أبواب قصص إبراهيم عليهالسلام 343
38. باب علل تسميته بإبراهيم وفضائله 343 ـ 345
39. باب قصص ولادة إبراهيم عليهالسلام إلى كسر الأصنام 345 ـ 346
40. باب قصّة الذبح وتعيين الذبيح 347 ـ 359
41. باب قصص لوط عليهالسلام وقومه 360 ـ 370
42. باب قصص ذي القرنين 371 ـ 380
43. باب في أحوال قصص يعقوب ويوسف عليهماالسلام وإخوته 380 ـ 422
أبواب النبيّ موسى عليهالسلام 423
44. باب أحوال موسى عليهالسلام من حين ولادته إلى نبوّته 423 ـ 428
45. باب بعثة موسى وهارون عليهماالسلام إلى نبوّته 428 ـ 435
46. باب أحوال مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون 435 ـ 437
47. باب خروج موسى عليهالسلام من الماء مع بني إسرائيل وأحوال التيه 437 ـ 438
48. باب نزول التوراة وسؤال الرؤية، و... 439 ـ 442
49. باب قصّة ذبح البقرة 442 ـ 457
50. باب قصّة موسى عليهالسلام مع الخضر عليهالسلام 458 ـ 466
51. باب حرمة أكل الطيّبات على بني إسرائيل 466 ـ 469
52. باب قصّة بلعم بن باعوراء 469 ـ 472
53. قصة إسماعيل بن حزقيل المعروف في القرآن بـ «صادق الوعد» 473
54. باب أحوال ذي الكفل عليهالسلام 474 ـ 476
55. باب قصّة طالوت وجالوت واشموئيل عليهمالسلام 477 ـ 490
56. باب قصّة داود عليهالسلام وعمره ووفاته 490 ـ 497
فهرس الآيات الواردة في المتن 499
فهرس الموضوعات 557 -
مقدمه:
بسم الله الرحمن الرحيم
نـصّ ما كتبه سماحة رياسة المركز آية الله الشيخ محمّد جواد الفاضل اللنكراني دام ظلّه
الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.
قال الله تبارك وتعالى: «هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبَابِ».
وقال الصادق عليهالسلام: «إنّ القرآن حيّ لم يمت وأنّه يجري كما يجري الليل والنهار وكما تجري الشمس والقمر ويجري على آخرنا كما يجري على أوّلنا».
فأهل البيت عليهمالسلام هم الراسخون في العلم اللذين هم معدن وحي الله وكتابه ومخزن علمه وحكمته وجعلهم النبي الأكرم قريناً للقرآن الكريم في حديث
الثقلين، وذكر صلىاللهعليهوآله عدم إفتراق القرآن عنهم وعدم إفتراقهم عنه إلى يوم القيامة فهم مع القرآن كما أنّ القرآن معهم.
ولا يقاس بهم أحد من الناس والعلماء في إهتمامهم وإعتنائهم بالقرآن الكريم في جميع الجوانب والأبعاد من القرائة والتدبّر والرجوع والاستدلال فإنّهم:
أ) كانوا عليهمالسلام بصدد إثبات إنّ كلّ ما يصدر عنهم من الأحاديث والروايات في مجال الأحكام والعقائد والأخلاق والسياسات فهو موجود في القرآن الكريم، وفي كثير من الموارد أجابوا بالمستند القرآني لكلامهم في جواب السائل عن ذلك فمثلاً حينما أجابوا عن حرمة الخضخضة، ذكروا أنّ المستند في ذلك هو قوله تعالى «فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ».
ب) كانوا عليهمالسلام بصدد ترغيب الفقهاء والرواة إلى الرجوع والاستدلال بالقرآن الكريم في الأحكام الفقهية كما في رواية مولى آل سام في مسئلة لزوم الجبيرة فإنّ الإمام عليهالسلام قد صرّح بأنّ هذا واشباهه يعرف من كتاب الله.
ج) إنّهم عليهمالسلام كانوا بصدد بيان نفي تهمة التحريف عنهم وعن شيعتهم فقد اصرّوا على أنّ الكتاب الموجود بأيديهم هو الذي نزل على قلب الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله من دون تحريف عن واقعه، كما أنّهم كانوا بصدد المقابلة لتهمة ابتعاد الشيعة وأوليائهم عن كتاب الله فهذه التهمة كانت موجودة بعد زمن النبيّ صلىاللهعليهوآله .
وبعض من الناس قد صرّحوا بأنّهم العاملون فقط بكتاب الله وعيّروا غيرهم بترك كتاب الله، والأئمّة الطاهرين عليهمالسلامقابلوا هذه التهمة أيضاً، ونحن نرى
إستدلالهم بهذا الكتاب الشريف بمقدار لا يقاس بهم غيرهم.
د) إنّ مصحف علي عليهالسلام كان موجوداً عند جميع الأئمّة الطاهرين، وقد صرّح الإمام علي عليهالسلام بأنّه ما من آية نزلت إلاّ وقد بيّن له الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم خصوصياتها وشأن النزول فيها، ولأجل ذلك كانوا عليهمالسلام عالمين بجميع القيود والخصوصيات المرتبطة بالآيات الشريفة، وهذا أمر مهمّ جدّاً في مسئلة لزوم إعتماد الجميع إليهم من الشيعة وغيرهم فهم الراسخون في العلم حقيقةً وليس لغيرهم شأن في كتاب الله أبداً، ولعلّه لأجل ذلك قد صرّحوا لمخالفيهم ولسائر الفقهاء من المذاهب غير الإماميّة بأنّكم ما ورثتم حرفاً من كتاب الله.
وبعد هذه النقاط المهمّة يجب علينا وعلى كلّ من يريد فهم القرآن الكريم أن يرجع إليهم لفهم هذا الكتاب العزيز. ولا يمكن فهم معاني القرآن من طريق آخر غير طريق أهل البيت عليهمالسلام ، ويلزم على كلّ محقّق وباحث أن يرى ويفحص عن الموارد التي استدلّوا عليهمالسلامبالقرآن في العقائد والأحكام وغيرهما.
وقد قام بجمع الأحاديث التي استدلّوا فيها بالآيات الشريفة في الموارد الاعتقادية، جمع من المتقدّمين. إنّ ما جمعه العياشي في تفسيره يكون أكثره من هذا القبيل.
ولكن من قديم الأيّام كان من آمالى جمع ما صدر منهم عليهمالسلام في باب الأحكام والفروع من الارجاع إلى الآيات الشريفة إمّا إلى صريحها وإمّا إلى ظاهرها من اطلاقها أو عمومها وغيرهما، وإمّا إلى الملاكات المستفادة من الكتاب الكريم.
وقد قام بهذا الأمر المهمّ بحمدالله، العلاّمة المحقّق الشيخ محمّد جعفر الطبسي ـ دامت بركاته ـ فقد جمع المؤلّف المعظّم أكثر من سبعمأة آية من القرآن الكريم التي استدلّ بها الأئمّة عليهمالسلام في الأحكام فنشكره على هذه الخدمة العظيمة، ونسئل
الله تبارك وتعالى أن يقبله منه ومن مركز فقه الأئمّة الأطهار عليهمالسلامومسئوليهم ومن ساعده في قسم التحقيق في هذا المركز.
28 جمادى الآخرة 1433 ه .ق
محمّد جواد الفاضل اللنكراني
مركز فقه الأئمّة الأطهار عليهمالسلاممقدّمة المؤلّف
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد للّه والصلاة والسلام على خير خلقه محمّد وآله الطيّبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.
أمّا بعد:
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً».
لا شكّ أنّ علم الفقه من العلوم المهمّة التي تستطيع أن تلبّي كثيرا من حاجات البشرية، وهو يغطّي أوسع دائرة من جوانب حياة الإنسان فيما يتعلّق بعلاقته مع ربّه من أداء العبادات كالصلاة والصوم والحجّ وغيرها، وما يتعلّق بتنظيم علاقته مع غيره من الناس كالمعاملات من تجارة وبيع وشراء ومزارعة ومضاربة وغيرها، ضمن إطار واضح ومحدّد يضمن حقوق الجميع ويدفع نحو تقدّم الأمّة في مسار آمن من كلّ الخضّات والهزّات، وقد ظهر ذلك جليّا إبّان الأُمّة الاقتصادية والمالية العالمية التي وجّهت أنظار كبار اقتصاديي العالم نحو النظام الإسلامي لا سيّما في مجال المعاملات البنكية والصيرفة، ما أكّد صدور أحكام الدين من خالق الكون والبشر الأدرى بمصالحهم ومضارّهم في حكمة رائعة بيّنها الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام قائلاً: (فرض الله الإيمان تطهيرا من الشرك، والصلاة تنزيها عن الكبر، والزكاة تسبيبا للرزق، والصيام إبتلاءً لإخلاص الخلق، والحجّ تقوية للدين، والجهاد عزّا للإسلام، والأمر بالمعروف مصلحةً للعوام، والنهي عن المنكر ردعا للسفهاء، وصلة الرحم منماةً للعدد، والقصاص حقنا للدماء، وإقامة الحدود إعظاما للمحارم، وترك شرب الخمر تحصينا للعقل، ومجانبة السرقة إيجابا للعفّة، وترك الزنا تحصينا للنسب، وترك اللواط تكثيرا للنسل، والشهادات استظهارا على المجاحدات، وترك الكذب تشريفا للصدق، والسلام أمانا من المخاوف، والإمامة نظاما للأمّة، والطاعة تعظيما للإمامة).
ولشرف هذا العلم فقد كلّف الله تبارك وتعالى رسوله صلىاللهعليهوآله وأهل بيته المعصومين عليهمالسلام مهمّة تبيين تفاصيل فرائض العباد وتفريعها في إطار أحاديث واضحة عامّة تشكّل كنزا ثمينا للعلماء والفقهاء رضوان الله عليهم لاستنباط الأحكام ومواكبة تطورات العصر مستندين بهدي المعصومين الأطهار عليهمالسلام الذي طفحت المجامع الحديثية والفقهية بمناهجهم الاستدلالية في الاعتماد على القرآن الكريم وسنّة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله المطهّرة الصحيحة بطريق واضح ومباشر لا يعتريه ريب، وهو ما يميّز فقه الصادقين الباقر والصادق عليهماالسلام الذين وصلنا أكثر الروايات عنهما، ولعلّ استنادهما للقرآن أكثر جلاءً في أبواب الفقه مجتهدين عمليا الارتباط الوثيق بين الثقلين، وهو ما سنسلّط الضوء عليه في كتابنا الذي يتمحوّر حول البحث التفصيلي في استدلال الأئمّة عليهمالسلام بالكتاب الكريم في كافة أبواب الفقه بدءا بالطهارة وانتهاءه بالحدود والديات، حيث جُمِعَ فيه ما إستدلّوا بالقرآن بشكل أو بآخر، واتخّذنا منهج ذكر الآية التي تمسّكوا بها أوّلاً ثمّ الإتيان بالرواية مسندةً، وبعد ذلك سرد المنابع من كتب الشيعة المعتبرة، واللجوء أخيرا إلى شرح الحديث عند اللزوم من كتاب مرآة العقول للمرحوم المجلسي وشرح اصول الكافي لملاّ صالح المازندراني والوافي للفيض الكاشاني، واستقصاء الاعتبار لحفيد الشهيد الثاني وسيأتي تفصيل ذلك.
كيفية استدلال الأئمّة عليهمالسلام
نلفت انتباه القرّاء والباحثين إلى نقطة مهمّة وهي كيفية استدلال الأئمّة عليهمالسلام في الأحكام الشرعية ونشير في هذا الفصل إلى ذلك بنصّ الألفاظ الموجودة في متن الروايات والأحاديث الشريفة:1. وهو قول الله عزّ وجلّ
2. وذلك قول الله عزّ وجلّ
3. يقول الله عزّ وجلّ
4. ثمّ قرأ قول الله تعالى
5. فإنّ الله عزّ وجلّ يقول
6. أليس الله يقول؟
7. وعليه يحمل قوله عزّ وجلّ
8. أتلوت كتاب الله تعالى؟
9. ولذلك قال سبحانه وتعالى
10. وتلا هذه الآية
11. إنّ الله عزّ وجلّ قال في كتابه
12. أما تسمع قول الله عزّ وجلّ
13. أما تقرأ هذه الآية
14. وأنزل الله تعالى
15. أما تقرأ كتاب الله عزّ وجلّ
16. أحلّتها آية من كتاب الله
17. قول الله أصدق من قولك
18. نزلت في القرآن
19. فهو ما قال الله عزّ وجلّ
20. إنّ الله تعالى قال لمريم
21. فهو ما قال الله في كتابه
22. ألم تسمع قول الله عزّ وجلّ في قصّة هود
23. فكفى بما قال الله عزّ وجلّ
24. قال الله تعالى لمحمّد صلىاللهعليهوآله
25. وهو اللذي قال الله عزّ وجلّ
26. فأنزل الله عزّ وجلّ بذلك قرآناً
27. ألاترى أنّه يقول
28. اُنظر في القرآن
29. فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه
30. أليس قد بيّن الله لكم
31. لقول الله في التيمّم
32. هذه التي قال الله عزّ وجلّ.
هذه عمدة الألفاظ الواردة في الروايات في كيفية استدلال الأئمّة عليهمالسلام
ولا يخفى على الباحث الخبير في جميع هذه الموارد المذكورة بأنّ الإمام أوّلاً يشير إلى الحكم الفقهي، ثمّ إلى الآية الشريفة.
وممّا تجدر الإشارة إليه أيضاً بأنّ هناك موارد الإمام لم يشير إلى آية معيّنة فلم نأتي بتلك الموارد أو هناك موارد عديدة جدّاً بأنّ الإمام لم يستدلّ بالآية، بل يفسّرها فهذا أيضاً خارج عن هذا الكتاب على أمل أن نجمع ذلك كلّه في المستقبل إن شاء الله تعالى.
منهجنا في الكتاب
1. استخرجنا الأحاديث الشريفة على وفق كتاب تفصيل وسائل الشيعة للمرحوم الحرّ العاملي بحسب تسلسل المواضيع الفقهية في جميع أبواب الفقه الذي تمسّك بها المعصوم عليهالسلام بالقرآن الكريم.2. إذا كانت عدّة أحاديث وتمسّك بها المعصوم بآية واحدة في مختلف المجالات من الأحكام الشرعية فقد أوردناه في الهامش تحت عنوان «وراجع» مع تعيين رقم الصفحة والمجلّد من وسائل الشيعة.
3. إذا كان هناك حديث واحد يشتمل على آيات عديدة تمسّك بها المعصوم عليهالسلام، وكان من بين هذه الآيات قد مرّ ذكرها ضمن حديث مستقلّ، فقد أوردناه في متن الكتاب من دون أن نشير إلى ذلك في الهامش.
4. قلّما تتكرّر آية واحدة مشتركة ضمن أحاديث أن نشير إلى ذلك، لوجود مزيّة فيها. ومجموع الآيات التي ورد في الكتاب على ما يربو (774) آية.
نسأل الله تبارك وتعالى أن ينال هذا العمل رضاه وعناية وليّه القائم المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ومن باب من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق أقدم بالغ شكري وامتناني إلى سماحة آية الله المحقّق الشيخ محمّد جواد الفاضل اللنكراني دامت بركاته حيث شجّعني من بداية الأمر على هذا المشروع المبارك واسئل الباري عزّ وجلّ أن يتغمد شيخنا الاُستاذ الفقيه آية الله العظمى الشيخ محمّد الفاضل اللنكراني أعلى الله مقامه الشريف ولا ننسى أن نشكر أيضاً كلّ الزملاء الذين أعانونا في إنجاز هذا العمل ونخّص بالذكر سماحة حجّة الإسلام الشيخ محمّد جعفر الواعظي حيث بذل قصارى جهده في إنجاز هذا الكتاب وله منّا جزيل الشكر والامتنان. واهدي ثواب هذا العمل إلى روح المرحوم آية الله الفقيه الشيخ محمّد رضا الطبسي، أعلى الله مقامه الشريف.
محمّد جعفر الطبسي
قسم التحقيق: مركز فقه الأئمّة الأطهار عليهمالسلام
20 جمادى الآخرة ذكرى ولادة
الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام لسنة 1343ه. ق